كانت أولى أولويات الرئيس دونالد ترامب منذ توليه السلطة تعزيز دفاعنا الوطني وحماية الشعب الأميركي. وقد قمنا باستثمارات تاريخية من أجل إعادة بناء قواتنا المسلحة. وأزلنا قيوداً غير ضرورية كانت على كاهل قادتنا، وهو ما منحهم قواعد الاشتباك التي يحتاجونها من أجل هزيمة أعدائنا. ولمواجهة التهديدات الناشئة في الفضاء، الذي يعتبر أحدث ميدان لخوض المعارك، وجّه الرئيس بإنشاء قوة الفضاء الأميركية.
وبناء على ذلك، أصدر وزير الدفاع أمس الأول، مقترحاً تشريعياً بناء على توجيه الرئيس لإنشاء قوة الفضاء، ضمن سلاح الجو، لتصبح الفرع السادس للقوات المسلحة. وهذا التشريع هو خطوة أولى تجاه إنشاء سلاح عسكري منفصل للفضاء في المستقبل، وستواصل إدارتنا العمل عن كثب مع القادة في الكونجرس من كلا الجانبين «الديمقراطي» و«الجمهوري» من أجل تمرير قانون إنشاء قوة الفضاء ووضعه على مكتب الرئيس خلال العام الجاري.
وقد أضحى الفضاء جزءاً محورياً في طريقة حياتنا. فالريادة الأميركية في الفضاء أدت إلى ابتكار تكنولوجيا جديدة، وأحدثت ثورة في طريقة اتصالنا وسفرنا وزراعتنا وتجارتنا، ومهدت لعدد لا يُحصى من الوظائف الأميركية، والأهم من ذلك، أنها تمخّضت عن أقوى جيش في تاريخ العالم ولا يزال الأقوى.
وخلال العقود الست الماضية، دشّنت الولايات المتحدة أكبر وأكثر مجموعة متطورة من الأقمار الصناعية العسكرية والاستخباراتية. واستخدمنا التكنولوجيا من أجل استغلال القوة الأميركية في الفضاء هنا على الأرض، ومن ثم منحنا مقاتلينا في الحروب ومجتمع الاستخبارات ميزة استراتيجية، وزيادة في السرعة والدقة والقدرات القتالية لجيشنا.
بيد أن ميدان الفضاء، الذي كان في السابق خاوياً وبلا منازع، أضحى الآن مزدحماً وتنافسياً. ومثلما أوضحت وكالة الاستخبارات الدفاعية بالتفصيل في تقرير حديث لها، تُطور كل من الصين وروسيا وتستخدم قدرات، من بينها أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، وأسلحة ليزر محمولة جواً، وقدرات تهديد في المدارات، وصواريخ أسرع من الصوت، حولت الفضاء إلى ميدان حروب.
وفي الوقت الذي سلّح فيه أعداؤنا الفضاء، انشغلنا نحن في أمور بيروقراطية. وتعيق مواطن الضعف التنظيمية التي توهن الجهات العسكرية المعنية بالفضاء وقدرتنا على خوض المعارك وبرامج الاستحواذ وسياسات التجنيد، قدرتنا على مواجهة التهديدات الناشئة في الفضاء بسرعة. وتتوزع حالياً المسؤولية عن برامج الأمن القومي الفضائي بين أكثر من 60 دائرة ووكالة، وهو ما يسفر عن ضعف شديد في القيادة والمحاسبة بدرجة تُضعف قادتنا المحاربين وتعرض مقاتلينا للخطر. ونعلم بهذه المشكلة منذ عقود. ففي عام 1994، حذّر تقرير مكتب المحاسبة العامة من تلك المشكلة. ودّق تقرير المكتب في ذلك العام ناقوس الخطر بشأن «تلك المسؤوليات المشتتة». وفي 2001، صرحت «لجنة رامسفيلد بشأن الفضاء» بأن الجيش ووكالات الاستخبارات الأميركية «ليست مرتبة أو متأهبة لتلبية احتياجات الأمن القومي الأميركي في الفضاء».
ولفترة طويلة، تم تجاهل تلك التحذيرات. لكن في هذه الإدارة، لم نعد ندرس المشكلة، وإنما بدأنا في حلها، والحل هو قوة الفضاء. وبناء على توجيهات الرئيس، تؤسس وزارة الدفاع بالفعل قيادة موحدة للقتال في الفضاء، من شأنها جمع هيكل مركزي للقيادة والتحكم في معارك الفضاء. وستطور أيضاً وتطبق استراتيجية فريدة من نوعها وعقيدة وأساليب وتقنيات وإجراءات تحتاجها قواتنا المسلحة من أجل ردع وهزيمة الجيل الجديد من التهديدات في الفضاء.
لكن لضمان نجاح مقاتلينا في هذا الميدان الجديد، على الكونجرس أن يعدل الفصل العاشر من القانون الأميركي لتأسيس فرع جديد لقواتنا المسلحة يكون مسؤولاً عن تنظيم وتدريب وتجهيز قوات الفضاء، بما في ذلك المهام القتالية والداعمة للعمليات الفضائية الدفاعية والهجومية. ولهذا السبب، يدعو مقترح وزير الدفاع في الكونجرس إلى إنشاء وظيفة قائد أركان ووكيل وزارة لشؤون الفضاء، وإلى تعزيز الهيكلين المدني والعسكري الموجودين والمشاركين في أنشطة الفضاء ودمجهما في قوة الفضاء الجديدة. ومن المتوقع أن تصل تكلفة السنة الأولى لتأسيس قوة فضاء مبدئية ومتمركزة إلى 72 مليون دولار، وأقل من ملياري دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة. وبمجرد تأسيسها ستناهز التكلفة الإضافية نحو 500 مليون دولار سنوياً، أو ما يساوي 0.07 في المئة من ميزانيتنا الدفاعية بأسرها.
وفي ظل هذا المقترح، ستكون قوة الفضاء ضمن سلاح الجو، مماثلة لوضع «مشاة البحرية» ضمن سلاح البحرية. ولكن مثلما بدأ «سلاح الجو» كفرع داخل الجيش، قبل أن ينفصل، ستكون الخطوة الأولى تأسيس قوة الفضاء لتمهيد الطريق أمام جعلها سلاحاً عسكرياً منفصلاً في المستقبل، لتكون التطور الطبيعي للتفوق الأميركي في الفضاء.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»